أولا - مقدمة
ثانيا- تربية الأحياء المائية على المستوى العالمي: الحالة الراهنة والقضايا والآفاق
ثالثا- منتجات الأحياء المائية، قيمتها التغذوية واستهلاكها
رابعا- دور تربية الأحياء المائية في التنمية الريفية
خامسا- دور تربية الأحياء المائية في تحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية
سادسا - تربية الأحياء المائية، والأمن الغذائي، والبيئة
سابعا - مناهج الشراكة لتحسين الأمن الغذائي والتغذية على مستوى الأسرة
ثامنا - إطار لزيادة مساهمة تربية الأحياء المائية في الأمن الغذائي وتخفيف وطأة الفقر وتحسين التغذية

ألف - إدماج تربية الأحياء المائية في التنمية الوطنية
باء - مشاركة الأطراف المعنية في اتخاذ القرارات في مجال تربية الأحياء المائية
جيم - التخطيط الاستراتيجي والسياسات الملائمة والأطر القانونية والمؤسسية الجيدة
دال - المعلومات، وتعميق الوعي، وبناء القدرات
هاء - مشاركة القطاعين العام والخاص، والتعاون الإقليمي

1 - تناقش هذه الدراسة الإسهامات التي يمكن أن تقدمها تربية الأحياء المائية للأغذية على المستويين العالمي والمحلي وأيضا دورها في تقليص الفقر والحد من انعدام الأمن الغذائي، وتبرز المجالات التي يمكن فيها للجنة أن تقدم إرشاداتها حول الكيفية التي يستطيع بها هذا القطاع الفرعي أن يلعب دورا أكبر في محاربة الجوع وسوء التغذية.

2 - لا يزال الجوع وسوء التغذية من بين أوسع المشكلات انتشارا والتي تواجه فقراء العالم. ومن المؤسف أن نسبة كبيرة من سكان العالم يعانون حاليا من واحد أو أكثر من أشكال حالات نقص التغذية. ويظل هذا الأمر بمثابة استخفاف متواصل بحق الإنسان الأساسي المعترف به في الحصول على ما يكفيه من الغذاء وفي تحرره من الجوع وسوء التغذية خصوصا في عالم يزخر بالموارد وبالمعارف اللازمة لوضع نهاية لهذه الكارثة ¹

3 - ويتمثل التحدي في الإسراع بوتيرة استئصال الجوع وسوء التغذية. وتلعب تربية الأحياء المائية دورا هاما في هذه الجهود من خلال توفير الأسماك وغيرها من المنتجات البحرية ومنتجات المياه العذبة، وهي، عموما، مصادر غنية بالبروتين وبالأحماض الدهنية الأساسية وبالفيتامينات والمعادن، وأيضا من خلال ما توفره من فرص للدخول والعمالة. وهذا الأمر له أهمية خاصة للصيادين الحرفيين الفقراء الذين تعتمد سبل معيشتهم على الأنشطة السمكية محدودة النطاق. وإذا ما توفر الدعم لتربية الأحياء المائية أمكن زيادة المنتجات الحيوانية جيدة النوعية من البحار والمياه العذبة على النطاق العالمي، الأمر الذي يسمح بزيادة نصيب الفرد من الإمدادات على نحو يتمشى مع زيادة الطلب. ولضمان إيصال هذه المنافع لأشد الناس حاجة إليها، يجب عدم إهمال مشاركة الصيادين الحرفيين في هذه الجهود.

4 - ويمكن لصيد الأسماك أن يكون بمثابة إسهام فريد في الجهود الرامية إلى تحسين وتنويع المتحصلات الغذائية وترويج حالة التغذية فيما بين معظم المجموعات السكانية. وتحتوي الأسماك على عناصر تغذوية مستساغة جدا توفر مصدرا ممتازا للبروتين الحيواني الجيد وهو سهل الهضم وذو قيمة بيولوجية عالية. كما أن الأسماك الدهنية، على وجه الخصوص، تعد مصدرا غنيا جدا بالأحماض الدهنية الأساسية بما في ذلك الأحماض الدهنية غير المشبعة من أومجا 3 وهي هامة للنمو الطبيعي والتطور الذهني خصوصا خلال فترة الحمل والطفولة المبكرة. كذلك فإن الأسماك غنية بالفيتامينات والمعادن (وخصوصا الكلسيوم والفوسفور والحديد والسيلينيوم واليود، في المنتجات البحرية). ولهذا يمكن أن توفر الأسماك مصدرا مهما للعناصر المغذية لاسيما لأولئك الذين يفتقر غذاؤهم إلى المنتجات الحيوانية. ومعلوم أن زيادة توافر الأسماك في الأغذية يزيد الاستساغة ويؤدي إلى زيادة استهلاك طائفة من الأغذية وبالتالي تحسين المتحصلات العامة من الأغذية والعناصر الغذائية.

5 - تقدم تربية الأحياء المائية مساهمة رئيسية في تحقيق الأمن الغذائي. فعلى المستوى العالمي، تساعد في سد الفجوة بين الطلب العالمي المتنامي على المنتجات السمكية والزيادة المحدودة في إنتاج المصايد الطبيعية ¹ وتعد تربية الأحياء المائية من أسرع قطاعات إنتاج الأغذية نموا في العالم. وتجئ نسبة كبيرة من هذا الإنتاج من العالم النامي (91.2 في المائة في عام 2000)، وخصوصا في بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض (83.9 في المائة في عام 2000)².

1- Tacon, A.G.J. 2001. Increasing the contribution of aquaculture for food security and poverty alleviation. In R.P. Subasinghe, P. Bueno, M.J. Phillips, C. Hough,& S.E. McGladdery (Eds.) Aquaculture in the Third Millennium. Technical roceedings of the Conference on Aquaculture in the Third Millennium, Bangkok, Thailand, 20-25 February 2000. pp. 63-72. NACA,Bangkok and FAO, Rome.
2 FAO. 2003. The State of World Fisheries and Aquaculture 2002. FAO, Rome. 150p
3 FAO. 2003. Review of the State of World Aquaculture. FAO Fisheries Circular No. 886, Revision 2. FAO, Rome. 95p..

6 - أما إسهامات تربية الأحياء المائية من حيث الوزن في الإمدادات العالمية من الأسماك فقد زادت من 5.3 في المائة في عام 1970 إلى 32.2 في المائة في عام 2000. وهي الآن تهيمن على جميع بقية قطاعات إنتاج الأغذية الحيوانية من حيث النمو، ذلك أن متوسط معدل النمو السنوي لقطاع تربية الأحياء المائية قد بلغ 8.9 في المائة سنويا منذ عام 1970 مقابل 1.4 و2.8 في المائة في المصايد الطبيعية وإنتاج اللحوم في مزارع التربية الأرضية، على التوالي. وبلغ الإنتاج العالمي من الأحياء المائية في عام 2000 ما مقداره 45.71 مليون طن متري وقيمته 56.47 مليار دولار وإن ما يزيد على نصف هذا الإنتاج كان من الأسماك الزعنفية. وإن قطاع تربية الأحياء المائية، على النقيض من نظم التربية الأرضية التي يستند معظم إنتاجها العالمي على عدد محدود من الأصناف الحيوانية والنباتية، يشمل ما يزيد عن 200 صنف مختلف. ويعكس هذا العدد الكبير من الأصناف المرباة تنوع هذا القطاع خصوصا الطائفة الواسعة من الأصناف المرشحة للتربية ومختلف نظم الإنتاج المستخدمة.

7 - ويلاحظ في الوقت الراهن أن معظم البلدان المنتجة للأحياء المائية موجودة في آسيا، حيث أن سبعة بلدان آسيوية (الصين والهند واليابان وإندونيسيا وتايلند وبنغلاديش وفيتنام) بلغت قيمة إنتاجها الوطني ما يزيد عن 000 1 مليون دولار في عام 2000. وأن مجموعات الأصناف الرئيسية المرباة في المياه العذبة هي من الأسماك الزعنفية بينما تسود القشريات والأسماك الزعنفية عالية القيمة في المياه الضاربة للملوحة ذلك أن الرخويات والنباتات المائية تعيش في مياه البحار. وفي هذه البيئات الثلاث يمكن اعتبار تربية الأحياء المائية في المياه العذبة أكثرها أهمية من حيث إسهامها في تحقيق الأمن الغذائي. فتربية الأحياء المائية في البحار وخصوصا الأعشاب البحرية والرخوية تسهم أيضا في الأمن الغذائي وتخفيف حدة الفقر ذلك لأن معظم منتجاتها تنتح في إطار عمليات تتراوح بين الصغيرة والمتوسطة. ومع أن تربية الاربيان في المياه المالحة تهدف عموما إلى إنتاج سلع للتصدير عالية القيمة فإن تربية الأحياء المائية في السواحل تلعب أيضا دورا مهما في سبل المعيشة والأمن الغذائي في الريف.

8 - يلاحظ، على المستوى العالمي، أن ثلثي إجمالي الإمدادات من أسماك المائدة يتم الحصول عليها من مصايد التربية البحرية والداخلية في حين أن الثلث الباقي يأتي من تربية الأحياء المائية. وقد شهد إسهام مصايد التربية في نصيب الفرد من الإمدادات الغذائية استقرارا حيث تراوح بين 10 و11 كيلوغراما للفرد الواحد خلال الفترة من 1970 إلى 2000. أما الزيادات الأخيرة في نصيب الفرد مما هو متوافر فقد تحقق بفضل الإنتاج من تربية الأحياء المائية. فمساهمة تربية الأحياء المائية، في المتوسط، بالنسبة لجميع البلدان في العالم باستثناء الصين، في نصيب الفرد من الأغذية المتوافرة زاد من 0.5 كيلوغرام في عام 1970 إلى 1.8 كيلوغرام في عام 2000 أي ما متوسطه 4.5 في المائة سنويا. وفي الصين، حيث لممارسات تربية الأسماك جذور عميقة، أشارت التقارير إلى أن نصيب الفرد من الإمدادات من تربية الأحياء المائية قد زاد من نحو 1 كيلوغرام الى قرابة 19 كيلوغراما خلال نفس الفترة، أي أن متوسط الزيادة السنوية بلغ 11 في المائة.

9 - ويلاحظ أن نصيب الفرد من أسماك المائدة المستهلكة عالميا يزيد عن أي نوع آخر من اللحوم والبروتينات الحيوانية (16 كيلوغراما نصيب الفرد من الإمدادات في عام 1998). ومن حيث البروتين الحيواني، فقد بلغت نسبة أسماك المائدة 16.5 في المائة من مجموع الإمدادات في 1997 (إذ أشارت التقديرات إلى أن نصيب الفرد بلغ 27.1 غرام من مجموع الإمدادات العالمية من البروتين الحيواني) تليها لحوم الخنزير (14.7 في المائة) وبعدها لحوم الأبقار والعجول (13.6 في المائة) وأخيرا لحوم الدواجن (12.5 في المائة). وتجدر الملاحظة هنا أن إنتاج لحوم الأحياء المائية المرباة في الصين تحتل الآن المرتبة الثانية بعد لحم الخنزير وأن نصيب الفرد المتوافر من أسماك المائدة في الصين قد زاد من 6.3 كيلوغرام في 1984 إلى 25.5 كيلوغرام في 1998 ⁴

10 - وإن العامل الرئيسي وراء زيادة الطلب على أسماك المائدة الأساسية (وخصوصا أنواع الأسماك الرخيصة المرباة في المياه العذبة والتي تتغذى على سلسلة الأغذية المائية) في معظم البلدان النامية، يتمثل في زيادة قدرة فقراء المجتمعات المحلية على دفع تكاليفها ⁵ وتمثل أسماك المائدة في الوقت الراهن المصدر الرئيسي للبروتين الحيواني (إذ تسهم بأكثر من 25 في المائة من مجموع الإمدادات من البروتين الحيواني) لنحو 1 مليار نسمة ضمن 58 بلدا في العالم، بما في ذلك العديد من البلدان النامية وبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض (باستثناء الصين)⁶.

11 - رغم أن مستويات نصيب الفرد تصل إلى 180 كيلوكالوري في اليوم، كما أشارت التقارير الواردة من بلدان مثل اليابان وأيسلندا، فإن متوسط الإمدادات من الطاقة من السمك يبلغ فقط ما بين 20 و30 كيلوكالوري للشخص الواحد في اليوم. وتسهم الأسماك؛ في أطعمة العديد من البلدان، بأكثر من 50 في المائة أو نحو ذلك من مجموع البروتين الحيواني (غامبيا وغانا وغينيا الاستوائية وإندونيسيا وسيراليون وتوغو وغينيا وبنغلاديش وجمهورية الكونغو وكمبوديا وسري لانكا والفلبين). ويلاحظ أن المؤتمر الدولي المعني بالمساهمة المستدامة لمصايد الأسماك في الأمن الغذائي والذي عقد في كيوتو في عام 1995 قد أقر بأن منتجات الأحياء المائية تسهم بصورة رئيسية في الحفاظ على التغذية الجيدة ⁷

12 - وكما أشير آنفا فإن الأسماك تعد مصدرا مهما للعديد من العناصر الغذائية، بما في ذلك البروتين جيد النوعية من الريتينول (فيتامين أ) وفيتامين د وفيتامين هـ واليود والسيلينيوم). وتتزايد الأدلة على أن الاستهلاك من الأسماك يعزز نمو الدماغ والتعليم عند الأطفال ويحمى البصر وصحة العين ويتيح الوقاية من أمراض القلب وبعض أنواع السرطان. كذلك فإن الدهون والأحماض الدهنية في الأسماك، وخصوصا السلسلة الطويلة من الأحماض الدهنية، تعد بالغة الفائدة ويصعب الحصول عليها من مصادر غذائية أخرى. ومن الأحماض ذات الأهمية الخاصة، حمض ايكوسابنتانويك (20:5n-3, EPA) وحمض دوكوزاهيكسانويك (22:6n-3, DHA).وقد أصدرت المنظمة في عام 2000 استعراضا لمزايا استهلاك السمك سواء للأمهات أو للأطفال الرضع⁸.

13 - ويتراوح محتوى الدهون في الأسماك ما بين 1 غرام في كل 100 غرام من لحم السمك الأبيض و30 غراما في كل 100 غرام من السمك الدهني. ويعتبر عنصر n-3 PUFA الأقل من نوعه في الأسماك البيضاء (0.5 غرام لكل 100 غرام من سمك القد) ومستواه متوسط في الرخويات (0.7 غرام في كل 100 غرام مــن بلــح البحر) والبطاريخ (1 غرام في كل 100 غرام) بينما مستواه عال في الأسماك الدهنية (أقل من 5 غرامات في كل 100 غرام من الماكريل). ويمكن أن تؤثر عوامل عديدة في المحتوى الغذائي للأسماك بما في ذلك مرحلة النضج وتركيب الأعلاف.

14 - وتوجد في الأسماك بروتينات عالية النوعية وأحماض دهنية أساسية وفيتامينات ومعادن ويمكن أن تؤدي إضافة الأسماك إلى الأطعمة الأساسية التقليدية إلى اثارة الشهية وزيادة استهلاك الطعام من قبل صغار الأطفال وكبار المسنين والمرضى بمن فيهم الأشخاص المصابون بالأيدز ⁹.

4 FAOSTAT Agriculture Data, Food Balance Sheets, 1 June 2000
5 Tacon, A.G.J. & Barg, U.C. 1999. Responsible aquaculture development for the next millennium. Paper presented at the Seminar-Workshop on Responsible Aquaculture Development in Southeast Asia, Iloilo City, Philippines, 12-14 October 1999
6 Ye, Y. 1999. Historical consumption and future demand for fish and fishery products: exploratory calculations for the years 2015/2030. FAO Fisheries Circular, No. 946. Rome, FAO. 1999. 31p.
7 Aquaculture development trends: perspectives for food security. Background document for the International conference on sustainable Contribution of Fisheries to Food Security, Kyoto, Japan, 1995.
8 Elvevoll, E. and D. James, "Potential benefits of fish for maternal, fetal and neonatal nutrition: a review of the literature" Food, Nutrition and Agriculture, 27, 2000, pp. 28-37.
9 HIV/AIDS in Vietnam

15 - رغم أن تربية الأحياء المائية تكمل العديد من سائر نظم الإنتاج الغذائي، مثل تربية الأحياء المائية المتكاملة مع الزراعة، وتربية الأسماك في حقول الأرز، وتربية الأسماك مع الماشية، وغير ذلك، إلا أن إمكانيات تربية الأحياء المائية لا تزال بعيدة عن الاستغلال الكامل. ويعكس قرار إنشاء اللجنة الفرعية لتربية الأحياء المائية، في إطار لجنة مصايد الأسماك، خلال عام 2001، الأهمية التي توليها الحكومات الأعضاء في المنظمة لتربية الأحياء المائية كوسيلة للتنمية القطرية. وقد أقر العديد من التجمعات الدولية الأخيرة، بما في ذلك مؤتمر تربية الأحياء المائية في الألفية الثالثة ومؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد، بالدور الذي يمكن لتربية الأحياء المائية أن تلعبه في مجال التنمية الاقتصادية القطرية والإمدادات الغذائية العالمية وتحقيق الأمن الغذائي، وأعلنت أن لدى هذا القطاع إمكانيات أكبر لمواصلة المساهمة في سبل معيشة السكان¹⁰ .

16 - وتهدف التنمية الريفية إلى تيسير اقتصاد ريفي مستدام وضمان التحسينات في معيشة سكان الريف. كذلك فإن فرص إدماج تربية الأحياء المائية في التنمية الريفية تميزت بموارد متنوعة من الأحياء المائية وبطائفة واسعة من المعنيين بمختلف سبل المعيشة. وقد تتراوح الأهداف ما بين إنتاج الأغذية وتوليد الدخول وتعزيز الرصيد غير المتحكم فيه إلى الترويح والترفيه (أسماك الزينة والرياضة). ويمكن أن يكون هذا النطاق تجاريا مكثفا أو إدارة الكفاف ضمن الاقتصاديات المتقدمة والأقل نموا. وعلى المستوى المحلي والوطني، فإن إدماج تربية الأحياء المائية في التنمية الريفية قد يتنامى (في الاقتصاديات النامية مثلا) أو يتناقص (في المناطق الريفية النائية في البلدان المتقدمة مثلا). وعلى جميع المستويات، فهذا يحدث ضمن سياق العولمة وزيادة انتقال السلع والخدمات ورأس المال والأفكار، إضافة إلى تزايد انتقال أصناف الأحياء المائية وعدوى الأمراض. وتتوجه الاستثمارات عادة نحو البيئات المؤسسية والسياسية المستقرة والتي يمكن التنبؤ بشأنها وعندما توجد قوانين تتمتع بالشفافية وتوجد منافسة عادلة ونظم قانونية تتمتع بالمصداقية. وعندما تفشل التنمية الريفية في إيجاد بيئة وخبرات سياسية لاستغلال الفرص العالمية فقد تتراجع تربية الأحياء المائية شأنها شأن القطاعات الفرعية الأخرى.

17 - وتتيح تربية الأحياء المائية فرص العمل لملايين الأشخاص على المستوى العالمي. ويبلغ مجموع فرص العمل في قطاع تربية الأحياء المائية أعلى مستوى له في الصين، حيث يوجد 4 ملايين نسمة يعملون لكامل الوقت في هذا القطاع حيث تشير التقديرات إلى أن معدل النمو السنوي للعمالة فيه تبلغ 6 في المائة ¹¹ كذلك تشير التقديرات إلى أن العمالة في فيتنام في هذا القطاع تزيد عن 000 700 شخص ¹² وإن لم تعكس هذه الأرقام تماما العدد الكبير من السكان الذين يعملون في الصناعات الفرعية (أعلاف الأسماك والمعدات ومعالجة الأسماك وتسويقها). وفي الولايات المتحدة، حيث تعرف تربية الأحياء المائية كصناعة إنمائية رئيسية للقرن الـ 21، يشتغل في هذا القطاع الفرعي نحو 000 200 شخص ¹³ وعلى العكس من ذلك، فإن عدد من يشتغلون في تربية الأحياء المائية في الاتحاد الأوروبي يقل عن 000 60 شخص وهو ما يزيد قليلا عن 10 في المائة من مجموع العاملين في القطاع السمكي¹⁴.

18 - وقد أظهرت الدراسات في مختلف البلدان النامية (مثال الصين وفيتنام) أن 80 الى 100 في المائة من منتجات الأحياء المائية لدى الأسر الزراعية الريفية يتم تسويقها. وهذا يشير إلى أن تربية الأحياء المائية يمكن أن تعتبر نشاطا مدرا للنقود وبالتالي فهو مصدر مهم غير مباشر للأمن الغذائي. ويشار أن متوسط أسعار السمك في السوق في العديد من البلدان تقل عن نظيرتها من بقية المنتجات الحيوانية كالدجاج والخنزير واللحم الأحمر. ويشار بصورة خاصة في آسيا إلى أن انخفاض أسعار سلع الأحياء المائية، مثل الكارب والتلابيا، يجعل الأسماك سهلة الوصول إلى أشد شرائح السكان فقرا. ويعتمد الفقراء في البلدان غير المطلة على البحار، مثل نيبال ولاوس، إلى حد كبير، على تربية الأحياء المائية في المياه العذبة للحصول على أسماكهم.

19 - وأظهرت دراسات الجدوى الاقتصادية أن تربية الأحياء المائية مجدية اقتصاديا في ظل العديد من الظروف المختلفة. وبرزت في السنوات الأخيرة، العديد من أنواع التكنولوجيات البسيطة التكاليف والأخطار. وأظهرت دراسات مقارنة بين نظم زراعة الأرز، وتربية الأسماك، في حقول الأرز، وتربية الأسماك، في أفريقيا جنوب الصحراء أن المزارعين الذين يستثمرون في تربية الأحياء المائية قد زادت دخولهم الأسرية بصورة ملحوظة اعتمادا على استثمارات سنوية فحسب. وفي بلدان أوروبا والولايات المتحدة والصين وبلدان آسيوية أخرى أظهرت الزيادات في الإنتاج وفي عدد العاملين في تربية الأحياء المائية خلال العقد الأخير أن نظم الإنتاج، التي تتراوح بين الموسع وشديد الكثافة، يمكن أن تكون مجدية اقتصاديا.

20 - وقد بلغ متوسط الدخل السنوي للسكان العاملين لكامل الوقت في قطاع مصايد الأسماك (بما في ذلك تربية الأحياء المائية) في الصين نحو 540 دولارا في 1999 وهو ما يزيد عن ضعف دخل مزارعي الأرض في الريف. وفي بلدان جنوب شرق آسيا مثل (كمبوديا وتايلند وإندونيسيا) يمكن العثور على وضع مماثل حيث أن المزارعين الذين يشتغلون في تربية الأحياء المائية يحصلون عموما على دخول أسرية أعلى مما يحصل عليه غيرهم. وفي فيتنام، يلاحظ أن 50 في المائة ممن يشتغلون في تربية الأحياء المائية يعتبرون أن هذه التربية مصدرهم الرئيسي للدخل ويحصلون منها على ما متوسطه 75 في المائة من دخلهم الأسري. وقد وفرت تربية سمك القط والاربيان، على وجه التحديد في السنوات الأخيرة، دخلا أسريا يزيد عن 000 1 دولار سنويا وهو ما يتجاوز كثيرا الدخل المتولد من الأشغال الزراعية النظيرة¹⁵.

21 - وتشير البيانات الأولوية المستخلصة من دراسة أجريت في دلتا ميكونغ في فيتنام إلى أن تنمية تربية الأحياء المائية يمكن أن تسهم في تقليص هجرة الفتيات من المناطق الريفية إلى المدن حيث تتيح لهن فرصا محلية لكسب معيشتهن.كذلك فإن تناقص الحاجة إلى الهجرة إلى المدن يمكن أن يحمي النساء من الاضطرار إلى مزاولة البغاء وبالتالي تقليل عدد النساء اللاتي يمكن أن يتعرضن لخطر الإصابة بمرض الإيدز.

10 -NACA/FAO. 2000. Aquaculture Development Beyond 2000: the Bangkok Declaration and Strategy. Conference on Aquaculture in the Third Millennium, 20-25 February 2000, Bangkok, Thailand. NACA, Bangkok and FAO, Rome.
11 -Hishamunda, N. and R. Subasinghe. 2003. Aquaculture Development in China: the Role of Public Sector Policies. FAO Fisheries Technical Paper. No 427. Rome. 2003. 64 pp.
12 -Internal Report of the Ministry of Fisheries of the Socialist Republic of Vietnam, 2002
13 -Internal Report of the United States Department for Agriculture, 2003
14 -Regional socio-economic studies on employment and the level of dependency on fishing, Commission of the European Communities, Directorate-General for Fisheries, 2000
15 -FAO. 2003. Fisheries Marketing and Credit in Vietnam. FAO Fisheries Technical Paper (in Press).

22 - لا جدال بشأن الدور الذي يمكن أن تلعبه الأسماك في تحسين الأغذية وهذا يمكن أن تكون له أهمية خاصة فيما يتعلق بأغذية الأطفال وتغذيتهم. وقد أوضح هذه النقطة مسح للأمن الغذائي والتغذية على مستوى الأسرة، أجري في لوابولا في زامبيا في 1997-1998 (المنظمة - 2000). ويشار إلى أن الأسماك في نهر لوابولا غالبا ما تكون المصدر الرئيسي للبروتين عالي الجودة.وأظهرت البيانات أن الأطفال، الذين اشتملت أطعمتهم بصورة منتظمة على الأسماك وغيرها من الأغذية التي تحتوي على البروتين رفيع النوعية، كانت نسبة التقزيم بينهم أقل بصورة ملحوظة من أولئك الذين كانت تحتوي أطعمتهم على القليل من السمك. وإذا ما تواكبت البرامج التي تحسن سبل الحصول على الأسماك مع توعية غذائية فعالة لترويج إدراج السمك في طعام الأطفال فإن تغذية الأطفال يمكن تحسينها بصورة ملحوظة بأسلوب كثير المردودية.

23 - ويمكن أن تسهم تربية الأحياء المائية في تحسين الأمن الغذائي والتغذية من خلال قنوات مختلفة: فالإمدادات الغذائية المحلية يمكن تحسينها عن طريق زيادة توافر الأسماك زهيدة التكاليف كما يمكن زيادة فرص العمالة والدخول ويمكن أيضا زيادة استهلاك السمك بصورة مباشرة. ومع أن زيادة كمية وأنواع الأسماك وغيرها من الأغذية التي يستهلكها الفقراء تقلل ظاهرة نقص التغذية فإن هذه التحسينات في التغذية ليست منافع تلقائية لتنمية تربية الأحياء المائية. فاستهلاك الأغذية والتغذية الجيدة لا يمكن تحديدها بمجرد معرفة كمية الأغذية التي تنتج أو تتاح. ويجب أن تكون لدى الأسر الإمكانات المادية والاقتصادية للحصول على كميات وأنواع ملائمة من الأغذية وأن يكون لدى من يرعون الأسر ويعيلونهم الوقت والمعرفة والحافز لتحقيق الاستفادة القصوى من موارد الأسرة لتلبية احتياجات جميع أعضائها من الأغذية وغير ذلك من الاحتياجات الأساسية. ولعل العامل الأساسي في ضمان أقصى استفادة تغذوية من تنمية الأحياء المائية يكمن في التأكد من أن الفقراء وناقصي التغذية تتاح لديهم فرص أفضل للمزيد من الامدادات من السمك وأنهم يستطيعون تعزيز دخولهم المتأتية من تربية الأحياء المائية.

24 - وتشمل تربية الأحياء المائية نظما مختلفة من إنتاج نباتات وحيوانات التربية في المناطق الداخلية والساحلية وأن العديد منها يناسب الفقراء. وفي سياق فقراء الريف، غالبا ما تكمل تربية الأحياء المائية المصيد من المصايد التقليدية. ولا تزال هذه الأخيرة تلعب دورا مهما كما لا تزال في حالات عديدة كافية لإشباع احتياجات الكفاف وتوفر مصدرا قيما لموارد المزارعين والصيادين. وفي العديد من الحالات، تشكل أصناف المصايد الطبيعية الأساس للأمن الغذائي الأسري، الأمر الذي يمكن من استخدام الإنتاج الحيواني والأسماك المرباة كمصدر للدخل. وتصبح تربية الأحياء المائية عنصرا جذابا ومهما للأسر الريفية في الحالات التي تزداد فيها الضغوط السكانية وتتدهور البيئة أو تقل فيها إمكانات الحصول على الأسماك أو يكون المصيد محدودا من المصايد التي يصعب التحكم فيها ¹⁶.

25 - ويمكن لتربية الأحياء المائية في نظم التربية المتكاملة الصغيرة أن توفر بروتينا حيوانيا رفيع النوعية وغير ذلك من العناصر الغذائية التي يمكن أن تكون لها قيمة خاصة للمجموعات الحساسة تغذويا. وتوفر تربية الأحياء المائية عموما البروتين بأسعار تكون بوجه عام في متناول الشرائح الفقيرة من المجتمع المحلي وتتيح فرص العمل في مشروعات هذه المجتمعات بما في ذلك إتاحة فرص التوظيف للنساء والأطفال، وفي الوقت ذاته تدر الدخول لهؤلاء عن طريق بيع المنتجات التي تكون عالية القيمة نسبيا ¹⁷ كذلك يمكن أن تتاج فرص للتشغيل في مزارع التربية الكبيرة وفي شبكات الإمداد بالذريعة وسلاسل التسويق وخدمات دعم المصانع وتصليح المعدات. ومن بين المنافع غير المباشرة، زيادة المتوافر من الأسماك في الأسواق المحلية في الريف والمدينة وإمكانية زيادة دخل الأسر من خلال المبيعات من المنتجات الزراعية التي تصبح متاحة بفضل زيادة الاستهلاك المحلي من الأسماك. كذلك يمكن أن تفيد تربية الأحياء المائية معدمي الأراضي جراء استغلال الموارد المشاعة كتربية الأسماك الزعنفية في الأقفاص وتربية الرخويات وأعشاب البحر وتعزيز مصايد الأسماك في المسطحات المائية المشتركة¹⁸.

26 - وهنالك فائدة مهمة غالبا ما تهمل وهي وثيقة الصلة بوجه خاص بالنظم المتكاملة بين الزراعة وتربية الأحياء المائية وتتمثل في إسهام هذه النظم في زيادة فعالية واستدامة المزارع. فالمنتجات الزراعية الثانوية، كمخلفات الإنتاج الحيواني وبقايا المحاصيل، يمكن أن تستخدم كأسمدة ومدخلات علفية لتربية الأحياء المائية التجارية ومحدودة النطاق. فتربية الأسماك في حقول الأرز لا تسهم فحسب في الإدارة المتكاملة للآفات بل وأيضا في إدارة ناقلات الجراثيم وهو ما له أهمية طبية للإنسان ¹⁹ إضافة إلى ذلك فإن برك تجميع المياه تصبح مهمة كخزانات للمياه في الأراضي الزراعية تستخدم لأغراض الري وسقي الماشية في المناطق التي تقل فيها المياه في بعض المواسم ²⁰ ويمكن أن توفر أنشطة تربية الأحياء المائية دخلا تكميليا خلال فصول انتظار المحاصيل عندما يكون الأمن الغذائي متدنيا وبالتالي يساعد على تخفيف حدة مشكلات التدفق الموسمي للدخل فيما يتعلق بزراعة المحاصيل السنوية. كذلك يمكن أن تمثل الأسماك شكلا من استثمار المدخرات التي يمكن الاعتماد عليها كضمان للقروض أو أن تباع في الأوقات العصيبة لدرء آثار مواسم انتظار المحاصيل أو فقدان الدخل.

27 - وقد حقق منتجو تربية الأحياء المائية، من خلال التدخلات التكنولوجية المختلفة (مثل تحسين الأعلاف وتحسين أدوات التفقيس والإدارة الجيدة للصحة، والتحسينات الوراثية، وغيرها)، مكاسب مهمة في مجال الإنتاجية وتخفيضا كبيرا في التكاليف. وقد أدى هذا مع مضي الوقت إلى خفض الأسعار وإن كانت هذه الأسعار تتعرض لتقلبات مهمة لفترات قصيرة. وبدلا من أن ترتفع أسعار المنتجات السمكية نتيجة تزايد الطلب الدولي فإنها أظهرت اتجاها نزوليا ²¹ فقد انخفضت، بصورة ملحوظة، أسعار بعض منتجات الأحياء المائية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الماضية. ومع أن السلمون والأربيان، كانت سلعا عالية القيمة في مجتمعات الوفرة في الثمانينات، فإنها أصبحت الآن أكثر شيوعا في مجال الاستهلاك. ويمكن عزو زيادة استهلاك السلمون والأربيان إلى انخفاض أسعارها بل وأيضا إلى توافرها على نطاق أوسع وإلى التنوع في منتجاتها واستخدام السلمون والأربيان في الوجبات السريعة والجاهزة. فأسعار منتجات الأحياء المائية المسوقة دوليا ومحليا تحتم إسهامها في الأمن الغذائي ذلك لأنها تؤثر في الإنتاج. فالاتجاهات الراهنة تشير إلى أن هذه التقلبات في الأسعار هي لمصلحة زيادة الإنتاج المحلي وهي بالتالي تساعد في سبل معيشة سكان الريف وأمنهم الغذائي.

28 - ويشار إلى أن المرأة تقوم بتنفيذ العديد من أنشطة تربية الأحياء المائية بما في ذلك التسويق. وهذا يتمثل بوجه خاص في حالة العمليات محدودة النطاق. لذا فيمكن أن توفر تربية الأحياء المائية دخلا تكميليا للمرأة التي تعد المدبرة الرئيسية لموارد الأسرة والتي يمكن توجيهها بصورة تفضيلية نحو الاستهلاك. وتعزز زيادة دخل المرأة مركزها في المجتمع. كما أن تدعيم المرأة يشجع على أن تصبح مشاركة على نحو أوسع في القرارات المتعلقة بعملية التنمية.

29 - وتتزايد البحوث في مجال استخدام أصناف الأحياء المائية المعدلة وراثيا رغم أن توفر الأسماك المعدلة وراثيا لا يزال نادرا ذلك لأن إسهام هذه الأسماك في إنتاج أسماك المائدة لا يزال محدودا. ويتزايد التأكيد على التكنولوجيا الحيوية وإسهامها في الأمن الغذائي وتقليص الفقر وتوليد الدخل. ومن المطلوب الاستعداد للتصدي لهذا التحدي بأسلوب رشيد. ويلاحظ أن القطاعات الرئيسية للتكنولوجيا الحيوية المشاركة في تربية الأحياء المائية تماثل تلك المشاركة في القطاعات الزراعية. ومما له أهمية خاصة، تنمية المعارف اللازمة لتحقيق أقصى الأمان في ابتكار التكنولوجيا الحيوية في مجال تربية الأحياء المائية، وهي تمثل مجموعة فريدة من التحديات لأسباب أهمها تنوع الأصناف المرباة وتباين نظم الإنتاج المتبعة. وهكذا، فإن التدخلات في مجال التكنولوجيا الحيوية كتحقيق معدلات أعلى في تحويل الأعلاف وتحسين صحة الأحياء المائية والتقليل من معدلات النفوق في مزارع التربية، وتكييف الأصناف تبعا للظروف البيئية الصعبة (مثال ذلك تكييف التلابيا تبعا للبيئة الباردة أو المالحة) يمكن أن تساعد في زيادة مساهمة تربية الأحياء المائية في الأمن الغذائي العالمي. وفي ضوء هذا يمكن الإشارة إلى أن معظم أصناف الأسماك المرباة يمكن اعتبارها أوثق صلة بأصولها الوراثية البرية من الماشية المرباة حاليا .

19 - Halwart, M. 2001. Fish as biocontrol agents of vectors and pests of medical and agricultural importance, pp. 70-75. In: IIRR, IDRC, FAO, NACA and ICLARM 2001. Utilizing different aquatic resources for livelihoods in Asia: a resource book. International Institute of Rural Reconstruction, International Development Research Centre, Food and Agriculture Organization of the United Nations, Network of Aquaculture Centers in Asia-Pacific, and International Center for Living Aquatic Resources Management, 416 p.
20 -Lovshin, L.L., N.B. Schwartz and U. Hatch 2000. Impact of integrated fish culture on resource limited farms in Guatemala and Panam?. International Center for Aquaculture and Aquatic Environments, Auburn University, USA. 29 p.
21 - FAO.2002. Globefish Database. FAO, Rome.
22 - FAO. 2003. Review of the State of World Aquaculture. FAO Fisheries Circular No. 886, Revision 2. FAO, Rome. 95p

30 - يلاحظ أن سوء التغذية أوسع انتشارا في المناطق الفقيرة بالموارد وبالبنية الأساسية والخدمات. وإن التحدي من الناحية البيئية يتمثل في تحديد التكنولوجيا الملائمة لمثل هذه الظروف. ويجب أن يستند اختيار هذه التكنولوجيات على إدراك كامل للأسباب التي تطبق فيها استخدامات الأراضي على نحو غير مرغوب بيئيا. فالسياسات يجب أن تقنع المزارعين، وخصوصا الفقراء منهم في الأراضي الحدية، على استخدام أساليب زراعية محسنة وسليمة من الناحية البيئية ومقبولة اجتماعيا ومفيدة اقتصاديا.

31 - ولم تعد شائعة التأثيرات البيئية السلبية (كتدمير مناطق المانغروف وتصريف النفايات وهجر المزارع وغير ذلك) التي كانت عادة ترتبط ارتباطا وثيقا بتربية الأحياء المائية وبتربية الأربيان على وجه الخصوص. فتطبيق العديد من البلدان للممارسات الإدارية الجيدة ومدونات السلوك القطاعية التي تستند في معظمها على مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد الصادرة عن المنظمة، يعد دليلا واضحا على التغيرات في هذا القطاع الفرعي ²³ وتتعرض تربية الأحياء المائية كغيرها من مستخدمي الموارد الطبيعية، في بعض الأحيان، للانتقاد لكونها تولي أهمية قليلة لتأثير أنشطتها على التنوع الحيوي وقاعدة الموارد الطبيعية. ومن الأمثلة المستمدة من الماضي القريب، حالات السلمون المرتشح التي تسبب قمل البحر الذي ينتقل بدوره إلى الأرصدة السمكية الطبيعية، وصيد الأربيان البياض في المصايد الطبيعية. وتعمل المنظمة بفعالية في هذه المجالات وتقوم بإدخال تحسينات (في التخطيط والتنظيم) لتلافي التأثيرات السلبية على البيئة والتنوع الحيوي ²⁴ وإن مثل هذه الجهود الرامية إلى تقليص تأثيرات تربية الأحياء المائية على البيئة وضمان تنميتها على نحو مستدام في إطار مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد سوف تعزز المساهمة القطاعية في الأمن الغذائي وتخفيف وطأة الفقر وتحقق التنمية الريفية.

23 -FAO. 2001. Report of the FAO/Government of Australia Expert Consultation on Good Management Practices and Good Legal and Institutional Arrangements for Sustainable Shrimp Culture. Brisbane, Australia, 4-7 December 2000. FAO Fisheries Report No. 659. 70p.
24 - FAO/NACA. 2000. Asia Regional technical Guidelines on Health Management for the Responsible Movement of Live Aquatic Animals and the Beijing Consensus and Implementation Strategy. FAO Fisheries Technical Paper. No. 402. FAO, Rome. 2000. 53p.

32 - أظهرت خبرات العقود الأخيرة أن المبادرات الرامية إلى تخفيف وطأة الفقر وتحقيق الأمن الغذائي نادرا ما يمكن مساندتها إذا ما خططت دون مشاركة من جانب المجتمع المحلي. فالمناهج التي تركز على هذه المجتمعات المحلية تحفز الاعتماد على الذات وبهذا ترتقي بالاعتزاز بالنفس. وتهدف هذه المناهج إلى تدعيم المجتمعات المحلية لكي تحقق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة محليا ولكي تطلب، بصورة فعالة، موارد إضافية وخدمات أفضل لتحسين سبل معيشتها. واستنادا إلى الشبكات الاجتماعية التقليدية المتعلقة بالدعم والمساعدة المتبادلة، تعبئ المناهج، التي تستند إلى المجتمعات المحلية، أفراد هذه المجتمعات في الأنشطة الرامية إلى تلبية احتياجاتها المنظورة وأولوياتها الإنمائية وبالتالي تحقيق مساهمة مهمة في التنمية المستدامة على الصعيدين المحلي والقطري. وتساعد هذه المناهج في ضمان أن تصبح الأطراف المعنية، بما فيها النساء والمجموعات المهمشة، جزءا من عملية التنمية وأن تتم معالجة القضايا والاحتياجات الحقيقية وأن يتحسن التنفيذ والرصد وأن تتعزز على نحو مستدام بإعطاء المستخدمين الدور الريادي في أنشطة التنمية والتأقلم.

33 - وتعتمد المناهج التي تركز على المجتمعات المحلية على أساليب المشاركة في التخطيط والتقييم. وقد اتبعت هذه المناهج على نطاق واسع لزيادة تطبيق تربية الأحياء المائية ونشرها، وقد استعرضت المنظمة المبادئ التوجيهية في هذا المجال. وارتؤي أن الأمن الغذائي والتغذية، على صعيد الأسرة، يمثل مدخلا جيدا لتنسيق وتخطيط مشروعات التنمية المحلية التي تميز أنشطة تربية الأحياء المائية وتم تكييف مناهج المشاركة لتلائم الأوضاع المحلية. وأحد الأمثلة على ذلك هو التعليم التجريبي في مدارس حقول المزارعين في مزارع الأرز والتي أتاحت فرصا لإدماج تربية الأحياء المائية في تحسين إدارة المحاصيل وخصوصا فيما يتعلق بالإدارة المتكاملة للآفات. ويمضي المزارعون معا ما بين خمس وست ساعات أسبوعيا يمضون منها ساعتين في مراقبة النظام الأيكولوجي في الحقل. ويقوم على تسهيل هذه العملية مدربون أمضوا فصلا كاملا في التدريب الميداني حول النظم الايكولوجية ووضع المناهج التعليمية لهذه المدارس الحقلية. وقد أدخل مزارعو الأرز تعديلات مادية في الحقول لاستيعاب الأسماك كحفر الأخاديد بأشكال وأحجام مختلفة أو إنشاء البرك في مواقع متعددة. كما أنهم كانوا مبدعين في تكييف نظمهم الإنتاجية تبعا لظروف السوق المحلية حيث يربون الأسماك الكبيرة للبيع أو الاستهلاك الأسري أو يربون الأسماك الصغيرة إذا كانوا يستطيعون بيعها للتربية في الأماكن القريبة. فالاستخدام الأفضل للموارد وزيادة الدخول وإنتاج محصول سليم من الأرز والأسماك يعزز قبول المزارعين للإدارة المتكاملة للآفات وتخليهم عن المبيدات. وتدل التجارب على أن العديد من مجموعات المزارعين قررت مواصلة عملية تبادل المعلومات في نوادي المزارعين المنظمة ذاتيا بعد أن انتهى تنفيذ المشروعات والبرامج التي روجت المدارس الحقلية للمزارعين.

34 - يؤكد إعلان واستراتيجية ²⁵بانكوك على الحاجة إلى مواصلة تنمية قطاع تربية الأحياء المائية للاستفادة من إمكانياته على نحو كامل بحيث يحقق مساهمة صافية في الإمدادات الغذائية العالمية وفي الأمن الغذائي المحلي والتنمية الاقتصادية والتجارة وتحسين مستويات المعيشة.

25- NACA/FAO. 2000. Aquaculture Development Beyond 2000: the Bangkok Declaration and Strategy. Conference on Aquaculture in the Third Millennium, 20-25 February 2000, Bangkok, Thailand. NACA, Bangkok and FAO, Rome.

35 - لكي يمكن تحقيق الاستفادة من الإمكانات الكاملة لتربية الأحياء المائية، يجب ممارستها كعنصر لا يتجزأ من تنمية المجتمع المحلي يسهم في سبل المعيشة المستدامة ويعزز تنمية الإنسان ويدعم الوضع الاجتماعي للقطاعات الفقيرة. ويجب أن تعزز السياسات والتشريعات المتعلقة بتربية الأحياء المائية التطبيقات الإدارية والزراعية السليمة من الناحيتين العملية والاقتصادية والتي تكون مستدامة من الناحية البيئية ومقبولة من الناحية الاجتماعية. ولتحقيق الاستفادة الكاملة من تربية الأحياء المائية، فربما يحتاج هذا القطاع إلى إتباع مناهج جديدة في العقود القادمة. ولا ريب أن هذه المناهج سوف تتباين تبعا لمختلف البلدان والأقاليم ويتمثل التحدي هنا في استنباط مناهج واقعية ويمكن تنفيذها تبعا للظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية، كل على حده. ولا يمكن لمثل هذه المناهج، في ظل العولمة وتحرير التجارة، أن تركز على زيادة الإنتاج فحسب بل يجب أن تركز أيضا على إنتاج سلع تكون رخيصة ومقبولة وميسرة لجميع قطاعات المجتمع.

36 - تركزت أهداف مبادرة تنمية تربية الأحياء المائية، حتى أوائل التسعينات، على زيادة الإنتاج لإشباع الطلب المتزايد لسكان العالم المتنامي والتعويض عن التراجع المحلي في إنتاج المصايد الطبيعية. وانصب اهتمام مناهج تربية الأحياء المائية قبل التسعينات على نقل التكنولوجيا وعلى البحوث والإرشاد بما يضمن توافر ما يكفي من الذريعة السمكية والإصبعيات عن طريق المفاقس الحكومية المركزية. وتغير هذا المنهج خلال التسعينات كما هو الحال في بقية القطاعات الريفية مع ازدياد وعي الحكومات بأن تحرير الأسواق يعد أمرا مهما لتنمية هذا القطاع. وأضحى هناك اعتراف منذ النصف الثاني من العقد الأخير من القرن الـ 20 بأن موارد الأحياء المائية تعتبر بالغة الأهمية لمعيشة الملايين من الفقراء في البلدان النامية وأن مشاركة الفقراء في عمليات اتخاذ القرارات التي تؤثر في معيشتهم تعد أمرا ضروريا.

37 - أسفر نموذج تنمية تربية الأحياء المائية في التسعينات عن عدد من النجاحات والإخفاقات. وأهم أسباب الإخفاقات، خصوصا في أفريقيا، التركيز على تربية الأحياء المائية لأغراض الكفاف التي ترافقت مع زيادات في الإنتاج دون مراعاة للاشتراطات الأخرى من أجل تنمية القطاع، كتوافر الأعلاف والقروض والحاجة لتسويق المنتجات. ومن بين الأسباب الأخرى لهذا الفشل، سوء الإدارة وعدم وضوح حقوق الأرض والمياه والتركيز على التكنولوجيات بغض النظر عن البيئة، واستخدام نظم حكومية مركزية وغير كفؤة في مجال التفقيس.

38 - ومن جهة أخرى، تحققت نجاحات في العديد من الأقاليم في مجال تربية الأحياء المائية. فالرواج الذي شهدته تربية السلمونيدات في التسعينات في أوروبا وفي أمريكا الشمالية والجنوبية، قد أتاح فرصا للعمالة في مجالات تقل فيها الإمكانيات البديلة، الأمر الذي أدى إلى زيادة في مستويات معيشة العديد من المناطق الساحلية. وبالإضافة إلى النجاحات في تربية الأحياء المائية، فقد ازدهرت الصناعات الرفيدة (الأعلاف والعقاقير والمعدات والمعالجة والتسويق). كذلك فإن تطوير تربية الأربيان في آسيا وأمريكا اللاتينية قد أتاح فرصا للعمالة وتوليد الدخل للعديد من سكان المناطق الساحلية.

39 - وأدى ضعف الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني في عديد من البلدان النامية إلى تقليص قدرات دعم تنمية تربية الأحياء المائية. فالتدخل في المؤسسات لزيادة وتحسين الخدمات لدعم تنمية تربية الأحياء المائية يستلزم جهودا طويلة الأمد والتزاما داخليا من جانب الإدارة وبرامج جيدة التخطيط لبناء القدرات ومنهجا متشابكا مع المؤسسات الشريكة لكي تصبح ناجحة.

40 - ويمكن المضي في تدعيم تربية الأحياء المائية بتطبيق عمليات وضع سياسات تعتمد على الشراكة والشفافية. فتربية الأحياء المائية غالبا ما تهملها الحكومات عندما ترسم السياسات والاستراتيجيات للتنمية الريفية. فعلى سبيل المثال نجد أن هناك القليل من دراسات استراتيجية تقليص الفقر التي أعدها البنك الدولي ودراسات الاستراتيجية القطرية التي أعدها الاتحاد الأوروبي، التي تعتبر تربية الأحياء المائية وسيلة لتحقيق التنمية الريفية أو توفير الأمن الغذائي وتخفيف وطأة الفقر.

41 - تميزت تدخلات تربية الأحياء المائية، التي ركزت على الفقر والأمن الغذائي والتي أثبتت نجاحها، بعدة أمور من بينها، ملكية المستفيدين لهذه التدخلات وتطبيق مناهج الشراكة التي صممت على نطاق محدود من حيث الاستثمارات وتلبية طلبات المزارعين أولا والمناهج التي تتمحور حول السكان وزيادة الأصناف التي تستخدم علفا للحلقات الأولى من السلسلة الغذائية (مثل الكارب والسمك القطي والتلابيا)، واستهداف جميع الأسرة وتطبيق منهجيات من نمط المدارس الميدانية للمزارعين وأيضا التكنولوجيات التي استنبطت تبعا للسياق المحلي مع المناهج الشبكية. ومن جهة أخرى، فإن تدخلات تربية الأحياء المائية التي أخفقت في الإسهام في تخفيف وطأة الفقر في الريف وفي تحقيق الأمن الغذائي عموما واستخدمت إعانات دعم غير ملائمة وبدلات للتدريب وأنشأت مفاقس مركزية كبيرة، واستخدمت وسائل تعتمد على التكنولوجيا وكانت تدخلات قصيرة الأجل وتعتمد على مناهج للإدارة والإرشاد والتخطيط تتسلسل من أعلى إلى أدنى²⁶.

26 - FAO/NACA. 2002. Focusing Small-scale aquaculture and aquatic resource management on poverty alleviation. FAO/NACA, 2002.

42 - وتسهم تربية الأحياء المائية محدودة النطاق في تخفيف وطأة الفقر وفي تحقيق الأمن الغذائي. إضافة إلى ذلك فإن تربية الأحياء المائية على نطاق واسع وتجاري، حسب ما طبق في عديد من البلدان المتقدمة والنامية، باستخدام أصناف مثل الأربيان والسلمون والتلابيا والسمك القطي والجروبار والكارب، يمكن أن تعزز الإنتاج للأسواق المحلية وأسواق التصدير وإتاحة فرص للعمل (في مجالات الإنتاج والمعالجة والتسويق). كذلك فإن عوائد الضرائب من مشروعات تربية الأحياء المائية التجارية، والحصيلة من العملة الأجنبية (عندما تصدر هذه المنتجات) تتيح للحكومات، بصورة غير مباشرة، الاستثمار في القطاعات التي تحقق مزيدا من الأمن الغذائي.

43 - يعتبر تعميق الوعي، على جميع مستويات المجتمع، بإمكانات تربية الأحياء المائية واحدا من أهم عناصر أي إطار بشأن تنمية هذه التربية. فالتعلم واقتسام المعلومات وبناء القدرات هي موضوعات عامة أخرى وثيقة الصلة ببعض جوانب تنمية تربية الأحياء المائية وإدارتها وبخاصة من أجل استخدام تلك الإمكانيات في تحقيق الأمن الغذائي وتخفيف وطأة الفقر. وإن إدراج تربية الأحياء المائية على نحو أفضل في التنمية الريفية يعتبر أمرا هاما نظرا لمحدودية الموارد الحكومية المخصصة للتعليم والإرشاد. وفي هذا المضمار فإن أي إطار لتنمية تربية الأحياء المائية يجب أن يعالج على مستوى المزرعة، قضايا مثل كفاءة استخدام الموارد والحوافز الاقتصادية أو حوافز سبل المعيشة التي تؤثر في أفراد الأسرة عندما يقررون الأنماط الزراعية، واستخدام المياه والأعلاف والأسمدة والمعاملات الكيميائية وغير ذلك من المستلزمات. كذلك يجب الاهتمام بمعارف وخبرات المزارعين بشأن الخيارات المتاحة في مجالي الإنتاج وإدارة الآفات وأيضا التركيز على قدراتهم لتطبيق هذه الخيارات.

44 - ولا تستند استراتيجيات الإدارة لدى المزارعين فقط على المعايير الاقتصادية بل تشمل أيضا تقليل الأخطار، والمرونة في زراعة المحاصيل، والتفضيلات التقليدية والثقافية بشأن أنواع المحاصيل والتقنيات والقوة العاملة المتوفرة والاحتياجات منها. وتعتبر مسائل الإرشاد وبناء القدرات أمورا بالغة الأهمية لاتخاذ القرارات عن علم ²⁷ أما العناصر المهمة الأخرى في أي إطار، يمكن أن تزيد مساهمة تربية الأحياء المائية في تحقيق الأمن الغذائي، فتتعلق بالجوانب القانونية والمالية والاستثمارية والتسويقية والتجارية. حيث أن وجود تشريعات جيدة بشأن تربية الأحياء المائية يمكن أن يتيح إسهاما مهما في التنمية المستدامة لتربية الأحياء المائية. كذلك فهي تستطيع أن تقلل (أو تتلافى) التأثيرات على البيئة وأن تسهم في إيجاد بيئة تكون فيها تربية الأحياء المائية مجدية من الناحية الاقتصادية. وفضلا عن ذلك، فإن التشريعات المتعلقة بالأراضي ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية يمكن أن تزيد من إمكانات فقراء السكان في الحصول على موارد الأحياء المائية التي تسهم مباشرة في تحقيق الأمن الغذائي.

27- FAO. 2002. The role of aquaculture in rural development. Background paper for the first session of the COFI-Sub-Committee on Aquaculture, FAO, 2002.

45 - إن الحصول على الخدمات المصرفية والقروض والتأمين يتيح لمربي الأحياء المائية الفرصة لكي يعملوا على نحو أكثر فعالية وأن يؤدي، بصورة غير مباشرة، إلى زيادة الإنتاج ونمو الدخل وفرص العمالة. كما أن الاستثمار في تربية الأحياء المائية غالبا ما يتأثر سلبا بضعف الإطار المؤسسي. ويلاحظ أن الاستثمارات في تربية الأحياء المائية كثيرا ما تخصص لأجل طويل. لذا فإن عدم استقرار البيئة السياسية والإدارية يمكن أن يؤدي إلى تقليل الاستثمارات بما في ذلك الاستثمارات المباشرة الأجنبية. كذلك فإن القيود أمام التجارة يمكن أن تؤثر إلى حد كبير في حيوية وسلامة أنشطة تربية الأحياء المائية.

46 - لقد اتضح أن مشاركة القطاعين العام والخاص في تربية الأحياء المائية وإنشاء شبكاتها قد أسهمت إلى حد كبير في تنمية هذين القطاعين. ومع أن إنشاء مثل هذه الشركات والشبكات قد يكون مضيعة للوقت وباهظ التكاليف ومهمة صعبة إلا أنه يمكن من معالجة العقبات واستغلال الفرص على نحو يتعذر تحقيقه لولا وجودها. فالتعاون بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني يوفر أيضا فرصا لتعميق الوعي وتحديد الأهداف وإيجاد حوار بين مختلف الأطراف المعنية فيما يتعلق بالارتباطات بين تربية الأحياء المائية والأمن الغذائي. ويعتبر التعاون الإقليمي أمرا ضروريا بين اتحادات مربي الأحياء المائية ومنتجيها ومسوقيها ومعاهد البحوث والحكومات. وفي هذا الصدد، فإن دعم برنامج إدارة موارد الأحياء المائية الإقليمية التابع لشبكة مراكز تربية الأحياء المائية في إقليم آسيا والمحيط الهادي، والمشترك بين المنظمة وإدارة التنمية الدولية، والأعمال الطوعية فيما وراء البحار جنوب شرق آسيا يعتبر أفضل مثل على ذلك. فقد أثبت هذا البرنامج نجاحه في إدراج تربية الأحياء المائية في جداول أعمال المؤتمرات القطرية والإقليمية التي تعالج قضايا التنمية الريفية والأمن الغذائي والفقر على وجه الخصوص. وإن التعاون بين بلدان الجنوب أي بين بلدان آسيا وبلدان أفريقيا وأمريكا اللاتينية يعد وسيلة ناجعة في نشر مثل هذه الخبرات.

47 - إذا ما تم ايجاد بيئة مواتية فعالة، يمكن لتربية الأسماك وبقية منتجات الأحياء المائية أن تلعب دورا مهما في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وفي هذا الصدد، قد تود اللجنة دراسة الإجراءات التالية:

• تحسين مناهج الإرشاد والتنمية المتبعة بشأن تربية الأحياء المائية في الريف، بما في ذلك:
  • منهج كلي يستند على نظم التربية ويدمج تربية الأحياء المائية في سبل المعيشة في الريف.
  • منهج شراكة يستند على الاحتياجات ويراعي قدرة الفقراء والموارد المتاحة لهم والأخطار التي تواجههم.
  • عمليات الإرشاد والبحوث التي تستهدف المزارعين.
  • ترويج التكنولوجيات الملائمة والمستدامة بما يتناسب والموارد المتاحة²⁸.
• تشجيع وترويج إنتاج منتجات الأحياء المائية كمصدر للتغذية من أجل الاستهلاك الآدمي وذلك بمساعدة البرامج التي تستهدف التوعية الغذائية.
• ترويج التنمية الريفية الفعالة من خلال الإدارة الحكيمة وبمشاركة فقراء الريف في اتخاذ القرارات على جميع المستويات. وينبغي تطوير الأحياء المائية في الريف كنشاط استثماري سليم من الناحية المالية، حتى في العمليات محدودة النطاق. ويجب معالجة جميع تطورات تربية الأحياء المائية، على وجه التحديد، وتقليص أي تأثيرات سلبية محتملة على الفقراء.
• إيلاء مزيد من الاهتمام لمناصرة هذا النشاط (خارج القطاع الفرعي) لتعميق الوعي بدور تربية الأحياء المائية في التنمية الريفية؛ وفي الوقت ذاته تدعيم وتوطيد الأواصر بين أصحاب الشأن في مجال اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسات.
• تحسين المعلومات المتعلقة بتربية الأحياء المائية محدودة النطاق في الريف ودورها في سبل المعيشة الريفية وتأثيرها على الأمن الغذائي وتخفيف وطأة الفقر.
• تأسيس نظم للرصد تعتمد على مؤشرات أفضل.
• زيادة القدرات المؤسسية وتخصيص الموارد لضمان اضطلاع تربية الأحياء المائية بالدور الملائم في تخفيف حدة الفقر وتوفير الأمن الغذائي.

28 - NACA/FAO. 2000. Aquaculture Development Beyond 2000: the Bangkok Declaration and Strategy. Conference on Aquaculture in the Third Millennium, 20-25 February 2000, Bangkok, Thailand. NACA, Bangkok and FAO, Rome.